
الغاز مقابل السيادة .. مصر تواجه الابتزاز الإسرائيلي وتنتصر بالتخطيط
بقلم . د / هاني المصري
مع بداية فصل الصيف وارتفاع الطلب على الطاقة، تصاعدت التوترات في ملف تصدير الغاز الطبيعي بين إسرائيل ومصر، حيث تشير تقارير إلى أن تل أبيب تستخدم ورقة الغاز كورقة ضغط اقتصادي وسياسي ضد القاهرة، في محاولة للتأثير على المواقف الإقليمية والدبلوماسية المصرية.
ابتزاز الطاقة: ورقة مكشوفة
مصادر مطلعة أكدت أن إسرائيل ألمحت إلى إمكانية تقليص أو تعليق إمدادات الغاز إلى مصر، الأمر الذي كان من شأنه أن يتسبب في أزمة داخلية تتعلق بإمدادات الكهرباء في فترة الذروة الصيفية. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لابتزاز القاهرة سياسيًا، في ظل خلافات إقليمية بشأن قضايا متعددة، أبرزها ملف غزة والحدود البحرية ومواقف مصر الداعمة لاستقرار المنطقة.
مصر ترد بحسم واستراتيجية طويلة الأمد
لكن الرد المصري لم يكن مجرد رد فعل مؤقت، بل خطة مدروسة على مستويات متعددة. فقد بدأت مصر بالفعل بتسريع مشاريع الطاقة المتجددة، عبر توسيع محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يقلل تدريجيًا من الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية.
وفي خطوة تعزز أمنها الطاقي، وقعت مصر اتفاقيات طويلة الأمد مع دولة قطر لتوريد الغاز الطبيعي بأسعار مستقرة، ما يوفر بديلًا موثوقًا ومستدامًا للإمدادات الإسرائيلية.
كما بادرت القاهرة بتكوين مخزون استراتيجي من المازوت، يُستخدم لتشغيل المحطات الحرارية في حالات الطوارئ، بما يضمن استمرارية إنتاج الكهرباء دون انقطاع، حتى في حال توقف مفاجئ للإمدادات.
الضغوط تنقلب على أصحابها
المفارقة أن هذه التحركات المصرية قد تُفقد إسرائيل ورقة الضغط التي ظنت أنها بيدها. فبدلًا من إخضاع مصر، تجد تل أبيب نفسها في مواجهة احتمال فقدان أحد أهم أسواقها الإقليمية في مجال الغاز، ما يشكل ضربة اقتصادية مباشرة لصادراتها الطاقية.
وختاماً .. السيادة في زمن الطاقة
الغاز مقابل السيادة .. مصر تواجه الابتزاز الإسرائيلي وتنتصر بالتخطيط
ما يحدث اليوم يعكس تحولًا كبيرًا في ميزان القوى: لم تعد الطاقة سلاحًا حصريًا بيد المنتجين، بل أضحت أداة لمن يحسن التخطيط والاستثمار في البدائل. ومصر اليوم تثبت أن السيادة لا تُنتزع فقط بالدبلوماسية، بل تُبنى على أسس الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاستراتيجي